من هدم ثقافة الشعب ؟

المقاله تحت باب  في السياسة
في 
01/10/2007 06:00 AM
GMT



احد الكتاب يعترض على ادانة الشرقيه لتقديمها الاعمال الهابطه واضرارها بسمعة الدراما العراقيه والتي بقت في العقول منذ عقود خلت وخصوصا في هذا الشهر الفضيل ويضرب مثلا كثرة المشاهدين لهذه القناة نسبه لبقية القنوات الفضائيه ومن العراقيين حيث يقول ان كثرة المقهقهين المشاهدين لهذه الاعمال والتي تنتقد ما يجري بالبلاد دليل على نجاح هذه الاعمال .

كثرة المقهقهين والضاحكين شىء جيد وكذلك كثرة الانتقادات لما يجري في البلاد ايضا من الحسنات اذ انها تريح النفس البشريه وعلامه ديمقراطيه جيده اذا ما قورنت بتلك الايام المريره والعصيبه التي عشناها حيث تعد دقات القلوب وتحبس الانفاس ولا نعرف ما يدور خارج اسوار البلد اذ لا يشاهد المواطن الا القناة الرسميه وقناة الشبات والتي دائما تربط مع بعض لتقدم زيارات القائد او تقدم خطاباتة المجه والتي قد تختم بها المحطه برامجها . بنفس الوقت تدور رحى حروب ضروس على الحدود لا لشىء سوى رغبة القائد لمشاهدة القتل والقتلى من العراقيين وهم قد لفت صناديق نقلهم الى مثواهم الاخير بالعلم العراقي ، وكل منا يتذكر جدول الفواتح الذي قد يمتد الى 4 او 5 فواتح يوميا هذا بالنسبه للقتلى الذين يقتلون خارج السجون والمعتقلات هنا المقارنه معدومه.

ناتي الان لكثرة المشاهدين والذين يقهقهون عند مشاهدتهم لتلك الاعمال واقول : شعبنا تعرض لعمليات غسل للعقول فجرد من وطنيته واصبح حب القائد البديل وغسلت ادمغة الجيل الجديد في حين سافرت اعداد كبيره من المثقفين خارج الوطن واصبحت الثقافه تهمه خطره للغايه يجب التخلي عنها مقابل الحفاظ على الروح والاولاد هو الحل الامثل للكثيرين ، وحلت ثقافة القتل والايذاء منذ عام 63 وثقافة الغاء الاخر والبطش لكل معارض ومن كل الاتجاهات وطريق الحروب المدمره والتي قضت على الثقافه والمثقفين في فترة الثمانينيات اذ اصبح هذا المثقف جندي على الجبهه يتحكم به العريف والضابط الجاهل، وشاهد القتل لصديقه الذي كان ياكل معه قبل لحظات ورحل بقصف او هجوم ما ، وسماع اخبار الاهل والاصدقاء الاعزاء وهم قد جاءوا محمولين بصناديق فوق السيارات ملفوفين بالعلم الرسمي للدوله لهذا شهدت الساحه العراقيه ومنذ عام 1980 اختلال كبير في القيم والاخلاق وفي ميزان الثقافه . فقد شهد تاريخ الفن العراقي تطورا كبيرا يرافقه تطور في وسائل نقل هذا النوع من الفن فقد شهدت فترة العقدين في الستينات والسبعينيات تطور كبير في فنون المسرح والاغنيه وفي انتاج الدراما العراقيه وكثره المتتبعين لهذا النوع من الفن ومن منا لا يتذكر الازدحام الشديد على مسرح بغداد لمشاهدة احدى مسرحيات فرقة المسرح الفني الحديث او الفرقه القوميه للتمثيل او الرقص الشعبي وغيرها وكم كان المواطن الجالس في بيته وهو يرى مسلسلات وتمثيليات لها وزنها الفني الرفيع، وكان رواد هذا الفن لهم وزنهم في الحياة في تلك الفتره .

وما ان حل عقد الثمانينيات حتى حل الخراب والدمار لكل شىء بضمنها الفن العراقي وانهارت قيم واخلاق فتدنى المستوى الثقافي والاخلاقي لكثير من قطعات الشعب وخاصه من الجيل الجديد وصاحب ذلك رحيل الكثير من رواد الثقافه العراقيه الى خارج البلد وبدات الحرب الاولى وما صاحبها من تدني للثقافه وللقيم والاخلاق ،زادها تدهور والوصول الى الحضيض بعد غزوا الكويت وفرض الحصار على البلد فانهار المسرح الجاد وانهارت الاعمال التلفزيونيه المتينه وظهر طفيل جديد من المسرح التجاري الهابط وابطاله اليوم هم ابطال اعمال الشرقيه الان سواء من جماعة مسرح النجاح او مسرح سينما النصر بقيادة الراقصه ميس كمر .

اتذكر جيدا وعندما كانت فرقة المسرح الفني الحديث تقدم عروضها على مسرح بغداد خلف سينما النصر ظهر الفنان يوسف العاني ليخاطب الجمهور ليقول للحضور اذ كان عدد الحاضرين لا يتعدى ال5 صفوف الاولى اننا على ابواب مخاطر التوقف اذ ان مردود هذا المسرح لا يسد فواتير الكهرباء خاصه وان نصف الحاضرين جاءوا ببطاقات دعوه اي مجانيه احدهم انا فما كان مني الى وذهبت وقطعت تذكره كدعم للفرقه وكانت هذه المسرحيه الاخيره في عروض هؤلاء العباقره بالفن العراقي الاصيل بنفس الوقت كانت المسارح التجاريه والتي تعتمد فقط اضحاك الجمهور باي ثمن كانت هي التي استقطبت الجمهور الجاهل والباحث عن الضحك فقط والذي اصبح هو السائد في الشارع العراقي .

ليس من العيب ان نقول ان شعبنا يعاني الكثير من الجهل وما افرزته الانتخابات الاخيره الا خير دليل لذلك ، فالجاهل لا ينتخب الا جاهل مثله .

نرجع لصاحبنا الذي يشيد بالشرقيه لوجود كثر من المشاهدين لهذه القناة اقول حمديه ام اللبن وذاك الدايح في الشوارع لو خيرتهم بين عمل ابطاله ميس كمر وسعد خليفه وجاسم شرف وراسم الجميلي وبين عمل من اعمال شكسبير التراجيديه كعطيل او روميو وجوليت او الملك لير يقوم بتمثيل ادواره يوسف العاني وقاسم محمد وسامي عبدالحميد وزينب وناهده الرماح ايهما يفضل ؟ الجواب لديكم اعزائي .